القصة الأولىبعنوان بقي أياماً لايشرب)
الملك العادل محمود بن سبكتكين اشتكى إليه رجل أن ابن أخت الملك يهجم عليه في داره و على أهله في كل وقت, فيخرجه ويختلي بامرأته, و قد حار في أمره, و كلما اشتكاه لأحد من أولي الأمر لا يجسر عليه خوفاَ و هيبة للملك.
فلما سمع الملك دلك غضب غضباَ شديداَ , وقال للرجل : ويحك متى جاءك فأتني , فأعلمني, ولا تسمعن من أحد منعك من الوصول إلي , ولو جاءك في الليل فأعلمني, ثم إن الملك تقدم إلى الحجبة و قال لهم : إن هذا الرجل متى جاءني, لا يمنعه أحد من الوصول إليّ, من ليل أو نهار , فذهب الرجل مسروراً داعياً , فما كان إلا ليلة أو ليلتان حتى هجم عليه ذلك الشاب فأخرجه من البيت , و اختلى بأهله , فذهب باكياً إلى دار الملك فقيل له : إن الملك نائم فقال: قد تقدَّم إليكم أن لا أُمْنَع منه ليلاً ولا نهاراً ,فنبهوا الملك فخرج بنفسه و ليس معه أحد , حتى جاء إلى منزل الرجل فنظر إلى الغلام و هو مع المرأة في فراش واحد , و عندهما شمعة تقد , فتقدم الملك فأطفأ الشمعة ثم جاء فاحتزَّ رأس الغلام , وقال للرجل :ويحلك أغثني بشربة ماء, فأتاه بها فشرب , ثم انطلق الملك ليذهب , فقال الرجل بالله لم أطفأت الشمعة ؟.
فقال الملك: ويحك إنه ابن أختي , و إني كرهت أن أشاهده حالة الذبح , فقال: و لم طلبت الماء سريعاً؟ فقال الملك: إني حلفت على نفسي أن لا أأكل طعاماً و لا أشرب شراباً حتى أنصرك , و أقوم بحقك , فكنت عطشاناً هذه الأيام كلها ,حتى كان ما كان مما رأيت , فدعا له الرجل وانصرف راجعاً إلى منزله , و لم يشعر بذلك أحد.